بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله الصادق الأمين ... أمّا بعد د:
فإنّ المتتبع لمسيرة جامعة أبين مذ تأسيسها في العام 2018م يجدها تسير بخطًا ثابتة في سبيل نشر العلم والمعرفة، كما أنّها تتطلع إلى النهوض بالحياة العلمية والأدبية والثقافية، وإيمانًا منها برسالتها العلمية والتعليمية والتربوية وخدمة المجتمع؛ فها هي تضرب بسهم صائب في نشر الثقافة وإحياء التراث الأدبي والتاريخي للوطن عمومًا ولأبين الأبية بصورة خاصة، فهي تمد يدها إلى شتّى مجالات المعرفة؛ لتحدث نقلة نوعية في سماء الفكر والمعرفة.
وليس غريبا على جامعتنا أن تحمل على عاتقها هذه الرسالة السامية، فهي قلب أبين النابض وعينها الباصرة، كيف لا وأبين كانت وما زالت مصدر إشعاع فكري وتاريخي، وهي حاضنة الحضارة ونبراس العلم، فأبين بسهلها وشواطئها ووديانها ومعالمها شخوص ماثلة، تتطلع إلى من ينفض عنها غبار الزمن، ويعيد إليها ألقها وضياءها، فما أبين إلّا درّة في تاريخ هذه الأمة، وصفحة مشرقة من صفحات التاريخ الوّضاء.
نعم هذه أبين وهذه جامعتها التي كانت حلمًا يراود أبناء هذه المحافظة جيلًا بعد جيل، وها هي اليوم أصبحت معلمًا بارزًا من معالم أبين العظيمة، وصرحًا علميًا رائدًا يخطو بثبات وعزيمة وإرادة لا تنكسر. فقد أصبحت هذه الجامعة تضمّ خمس كليات، هي: التربية زنجبار، والتربية لودر، والشريعة والقانون، والحاسوب وتقنية المعلومات، والعلوم الإدارية، وهناك أيضًا أربعة مراكز، هي: مركز التعليم المستمر والجودة، ومركز البيئة والعلوم البحرية، ومركز المرأة، ومركز التراث والدراسات. ناهية عمّا تزخر به الجامعة من كادر علمي متميز من حملة الألقاب العلمية الرفيعة الذين نهلوا العلم والمعرفة من مدارس علمية مختلفة عربية وأجنبية، وهناك أكثر من أربعين مبعوثًا للدراسات العليا في الخارج، وحوالي عشرين مبعوثًا، مبعوثون داخليا لدراسة الماجستير والدكتوراه، والمضي قدمًا في افتتاح برامج الماجستير التي تم تدشينها قبل عامين.
ولا أدل على ريادة هذه الجامعة وحرصها على التميّز من إقامة كثير من الورش والندوات، وإصدار كثير من الكتب التاريخية والعلمية والثقافية، ونشر دواوين فحول الشعر الحميني، وحرصها على إصدار مجلة ثقافية فصلية أسهمت حتى الآن في نشر خمسة أعداد، ولا ننسى المجلة العلمية المحكمة النصف سنوية، التي أصدرت حتى الآن أربعة أعداد، هذا غيض من فيض والطموحات كثيرة، إلّا أن ما تمر به البلد قد أعاق تنفيذ كثير من البرامج والطموحات. ومع ذلك ستظل هذه الجامعة تؤمن برسالتها السامية، وواجبها المقدّس في مدّ جسور التواصل بين الأجيال، من خلال ما تقوم به من تخصيص ورش وندوات علمية وتاريخية ومنهجية، يديرها ثلّة من الأساتذة والمفكرين والباحثين المتخصصين بشؤون التاريخ والتراث.
نعم ستظل هذه الجامعة الرائدة تؤمن برسالتها ودورها في خدمة الوطن عمومًا، ومحافظة أبين بصورة خاصة، وستقوم بواجبها في الكشف عن أبين وتاريخها المنسي من خلال ما قامت وستقوم به من اصدارات تاريخية وعلمية وأدبية وشعرية لفحول الشعراء، والشعر الحميني، وما تقوم من دراسات قيمة عن أبين وتاريخها العريق؛ إيمانًا منها في مدّ جسور التواصل بين الأجيال، وهذا أقل ما يمكن أن تقوم به.
وبالله التوفيق
أ.د. محمود أحمد سالم الميسري